الاثنين، 23 أبريل 2012

هل دراسة الطب صعبة؟

د .بشرى عبد الله اللهو

اتصلت بي ابنتي طالبة طب الأسنان، تبكي وتشتكي من صعوبة مادة تشريح الرأس والعنق، وتبدي مخاوفها من الرسوب.

فعادت بي الذكرى إلى الوراء وكيف كانت تجربتي مع مادة تشريح الرأس والعنق.

للأسف تحيط دراسة الطب مفاهيم غير صحيحة ومغلوطة عن صعوبة مواده، حتى إن المتفوقين يرسبون، ولو كنت أؤمن بتحويل أية مشكلة من مشاكلنا لا نعرف سببها إلى نظرية المؤامرة، لقلت إن هناك مؤامرة تريد أن تنفر أبناءنا من دراسة الطب وتحبطهم، لا توجد هناك مؤامرة.

طلبة الطب يحتاجون إلى تأهيل نفسي، ما رأيكم أن يقيم لهم دكتور طارق الحبيب دورة تأهيلية؟

طلبة الطب هم الذين يحطم بعضهم بعضا، يجب نشر عقيدة التفاؤل وحسن الظن بالله، وقصتي أكبر دليل، كنت متفوقة كحال كل طلبة الطب وأنهيت السنة الإعدادية بتفوق أيضاً، وانتقلت إلى كلية الطب وكان مبناها تعيسا يبعث في النفس الكآبة، وعند بابها غادرتني السعادة، ودخلني الحزن والخوف من الرسوب.

قيل لي: هذا الفصل ستقام تصفية لكم.

وكانت هذه أول مرة أسمع بهذا الاسم، ولم أسمعه من قبل إلا مع أخي حين يذكر تصفية الدوري والأولمبياد.

ـــــ وما الذي يعنيه هذا؟

ـــــ يعني أن نصفكم سيرسب.

ـــــ هل هذا قانون مكتوب؟

ـــــ لا، هذا هو الواقع الملموس.

ـــــ فأصبت بكآبة الخوف من الرسوب من أول الفصل.

رجعت إلى صفي، وقمت بعمل إحصائية ودراسة تحليلية لطلبة الفصل، وبدأت أختار من سيرسبون في التصفية رقم واحد، فرأيت أنني رغم تفوقي، إلا أنني سمكة صغيرة مقابل هذه الهوامير الكبيرة التي يعج بها صفي، فلقد كان من حسن حظي أو من سوئه أن تجمع كل أوائل المدن في صفي، ويا ليت الأمر اقتصر على ذلك، بل كان معنا أوائل طالبات دول الخليج، وأسقط في يدي، وعرفت أنني أنا من سأخرج من أولى التصفيات.
ومنذ الحصة الأولى أسائل نفسي: ما الفائدة من الانتباه لشرح الدكتورة إن كنت راسبة راسبة؟!
المادة التي تصدرت مثلث برمودا للرعب، هي مادة تشريح الرأس والعنق
وكانت المادة من خمس ساعات، أي إذا حصلت على معدل مرتفع فيها ستعلي معدلك فوق هام السحب، وإن رسبت فيها ستهوي بمعدلك نحو واد سحيق.
أذكر الرعب الذي أصابني منها، كنا ندرسها من كتاب مصري فيه لونان لا ثالث لهما أبيض وأسود، وكانت رسومه التوضيحية كخرائط لا تستطيع فهمها، كنا ندرس وصاحبتي في جو رومانسي ذي نجومة خمس. إنه جو كافتيريا الكلية المظلمة، الملاصقة للمشرحة، التي كانت تستخدم بخورا واحدا رائحته واحدة لا تستبدله طوال العام، هي رائحة الفورمالين التي تستخدم لحفظ الجثث، الصادرة من المشرحة، وكنا نأكل بشهية عالية فلم يكن لنا خيار، ونريد أن نعيش.
كنت وصديقتي ندرس سويا من الكتاب نفسه، وعلى الطاولة نفسها، وفي الوقت نفسه، ونتشارك بنفس ظروف الغربة، ولكن كان هناك فرق كبير بيننا.
بعد انتهائي من الدراسة سويا أخذت نفسا عميقا ودعوت بخشوع:
ــــ يا رب، أريد فقط أن أنجح.
التفتت إلي صديقتي مستنكرة، غاضبة:
ــــ ماذا تقولين؟! تغربت عن أهلي، وأرهقت نفسي بكل هذه الدراسة
فقط لأنجح، لا، وألف لا. إذا سألتم الله فاسألوه الفردوس الأعلى
أريد أن أنجح وبامتياز.
خفت من غضبها فصمت، فمن يستطيع أن يعترض طريق طالبة طب أيام الاختبارات؟ إلا أنني رددت في نفسي:
ــــ يا لغرورها وكبرها! يا شين الثقة الزائدة بالنفس!
وظهرت النتائج وأعطى الله كلا حسب ظنه في الله وحسب ثقته بنفسه نجحت بمقبول، ونجحت صديقتي بجيد جداً مرتفع وعلا وعز معدلها ونكس معدلي رأسه.
أرأيتم ؟!
لقد درسنا نفس عدد الساعات، ولكن كان هناك فرق في الهمم،
فرق في معنى عملي في حسن الظن والتوكل على الله، وبعدها وضعت الحديث: ''إذا سألتم الله فاسألوه الفردوس'' شعارا وهدفا لي
فتبدل حالي وتحسن مستواي.
فيا أيها الطالب لا تخف فلن يخذل الله عبدا توكل عليه، ومن سنن الله في خلقه أن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا، اجتهد وحاول ألا تكون دراسة الطب رعبا.
فأنت لا تنقصك الكفاءة، وبإمكانك أن تكون متفوقا في الطب، فالذين تفوقوا فيه بذلوا جهدا ووثقوا بربهم ثم بأنفسهم.
أعرف أنك تعيش نعمة يتمناها الكثير ولا تحصل لهم، فاحمد ربك على هذه النعمة، وحاول أن تستمتع بها ولا تشعر بها هما ولا رعبا
حاول أن تستيقظ كل صباح وتقول أنا سعيد لأنني أدرس الطب.

-----------------------------------------------------------------------------------------------
تقف كلماتي عاجزة امامك دكتورتي العزيزه جزاك الله خيرا ودمتي ذخرا للمسلمين



همسة نجمه

الأربعاء، 4 أبريل 2012





اون وريــاح الليـالـي تـونِـي
والبرد في جوفي كما الغار خـاوي

ماكن لـي عقـل ولا قلـب كنـي
جذعٍ وقف في وجـه الأيـام ذاوي
 وبـي عبـرة محبوسـةٍ تمتحنـي
وفي عيني وحلقي وصدري شكاوي
وبي من قديم الوقت جـرحٍ مكنـي
وبي من جديد ايام وقتي مكـاوي
إن قلت زانت خالف الوقـت ظنـي
وإن قلت هانت عاجلتنـي بـلاوي
أجـامـل ايـامـي ولا جاملـنـي
هامت بي الدنيـا هيـام الخـلاوي
الوقـت جايـر واللّيـال اسهرنـي
والحزن ما بين الضلوع متـلاوي
أون وكـلٍ يحسـب انـي اغـنـي
عليل وكلٍ يحسـب انـي مـداوي